وليد رجب، من بنى سويف، التقيت به فى مدخل مؤسسة 57357 عند وصولى للعمل صباحًا، وبدا أن الجميع يعرفونه، وله صداقات مع معظم الموجودين.. وليد يحضر بمفرده من بنى سويف للقاهرة لتلقى العلاج، لقد أبهرنىأن هذا الصبى يأتى بمفرده كل هذا المسافة.. عيناه كلها ذكاء، لقد انبهرت بشجاعة وتصميم هذا الصبى الذىاعتقدت أنه لن يتجاوز سن الـ 14، هو ضعيف وصغير.. أردت معرفة المزيد عن هذا الطفل الصغير، الذى يسافر بمفرده إلى القاهرة، وفى بعض الأحيان يبقى بين عشية وضحاها للقيام بجميع الاختبارات المطلوبة خلال مراحل العلاج والمتابعة وتحدثت معه.
سألته: كم عمرك يا وليد؟
قال عمرى 19 سنة، ووسط ذهولى، قام وليد بإطلاعى على بطاقته الشخصية، موضحًا لى بمنتهى اللطف أن ورم الدماغ الذى يعانى منه منعه من النمو بشكل طبيعى، لهذا يوحى مظهره بأنه أصغر من عمره الحقيقى.. والده توفىمنذ خمس سنوات، وترك أمه مع أربعة أولاد آخرين وأخت واحدة.
ويستكمل وليد حديثه بأنه تم قبوله فى57357 فى 2015، أو ربما 2016، لكنه لا يتذكر جيدًا متى بالتحديد، لأن الكورتيزون الذى يتناوله يجعله ينسى، لكنه يعتقد أنه قبل سنتين ونصف السنة.
إحساس بالألم انتهى بأمل فى الشفاء بعد دخول 57357
يحدثنا وليد: “فى بداية المرض، عانيت من صداع طويل الأمد، مؤلم فى عيناى، وذهبت إلى عدد من أطباء العيون، ثم إلى مستشفى أبو الريش، لأننى لم أتمكن من الرؤية بعينى اليمنى، أخبرونى بأن لدىّ ورم فى الغدة النخامية،ويضغط على أعصابى البصرية- تعرف الغدة النخامية أيضًا باسم “الغدة الرئيسية”، (لأن هورموناتها تنظم الغدد الصماء المهمة الأخرى)- ولابد من إزالته، ولكن العملية تتطلب تكاليف كبيرة، لذا نصحونا بالذهاب إلى مستشفى57357، حيث أنه متخصص فى جراحات ورم الدماغ.
كنت فى السابعة عشرة فى ذلك الوقت، وكانت والدتى فى غاية القلق ألا يتم قبولى بسبب السن، وحاولت احضار توصية لقبولى بالمستشفى، ولكن ما أن دخلنا المستشفى، وقابلنا المدير د. شريف أبو النجا، قال لى جملة لن أنساها قال:” أنت لست بحاجة لأى توصية أو واسطة للدخول، لأن شروطنا تنطبق عليك، ونحن نقبل الأطفال حتى عمر 18 عامًا.. المستشفى هنا ليس به واسطة، وبه مساواة بين الكل.. وهذا جزء أساسى من مهمتنا فى 57357″.
بعد الجراحة اختفى الصداع، وأرى بوضوح بعينى اليسرى، لكن ما زلت لا أستطيع الرؤية بعينى اليمنى.. وأخبرونى أن العصب البصرى للعين اليمنى لن يتلف.. لكنهم لم يتمكنوا من إزالة كل الورم، لأن هناك خطرًا منفقدان بصرى تمامًا.. ولكن الحمد لله الورم حميد، ويتم عمل اختبارات منتظمة لى وتحاليل للتأكد من أنه لا ينمو مرة أخرى.
ويقول وليد: “المستشفى ساعدتنى أرجع لحياتى، كان نفسى أطلع دكتور أو مهندس، ولكن مجموعى دخلنى كليةالتربية- جامعة الأزهر، ومواظب على الحضور فى الجامعة، والمستشفى وفرت لى إقامة فى أحد الدور التى تستضيف مرضى السرطان، لأنه أصبح من الصعب جداً علىّ أن أشارك فى سكن مع طلاب آخرين، لأنهميعتقدون أن مرضى معدٍ”.
في نهاية حديثنا، قال وليد: “إن القدوم إلى المستشفى بالنسبة لى مثل العودة إلى المنزل.. أنا أعتبر 57357 كمنزلى.. عندما أسمع عن أشخاص يهاجمون المستشفى فى وسائل الإعلام، يبدو الأمر كما لو أنهم يهاجموننىشخصيًا.. واستخدم مهاراتى فى الكمبيوتر فى متابعتهم والرد عليهم والدفاع عن المستشفى حتى يكتبوا اعتذارا عما كتبوه”.