“فى 57357، اتعلمنا نعيش حياتنا بشكل طبيعى، “الكانيولا” فى إيد، والكتاب والفرشة والألوان فى إيدينا التانية، وبمساعدة أهلنا، ودعم وتشجيع 57357، قدرنا ننسى المرض، ونواصل دراستنا، ونفكر فى مستقبلنا، ونتمسك بكل أحلامنا”.
هى دى كلمات ولادنا الأبطال، اللى فرّحوا قلوبنا وقلوب أهاليهم، وقدروا ينجحوا ويتفوقوا فى الثانوية العامة وهما بيحاربوا السرطان.
وراء كل واحد من ولادنا قصة بطولة حقيقية، وراهم ناس دعمتهم، من الأهل والأصحاب، ووراهم دعم كبير من 57357، اللى وفرت لهم أعلى مستوى من الرعاية الصحية والنفسية.
رحمة.. نموذج التحدى
رحمة ياسر، وجه جميل، وملامح وديعة، وابتسامة هادئة، وورا كل ده، شخصية لا تعرف سوى التحدى والنجاح والتفوق مهما كانت الظروف.
رحمة عانت منذ ولادتها من نقص الأكسجين الذى تسبب فى فقدانها السمع بنسبة 65%، الأم رفضت الاستسلام، وأصرت على دعم ابنتها بدروس التخاطب، وحينما أتمت رحمة 7 سنوات، أثبتت تفوقها، وتم قبولها بمدرسة عادية، مارست فيها الدراسة بشكل طبيعى، بل وتفوقت على زملائها الأصحاء.
ولكن فى نفس العام، وقبل أن تكتمل سعادة الأسرة، واجهت رحمة معاناة جديدة، حينما بدأت تشكو آلامًا بالبطن ونزيفًا بالبول، ليكتشف الأطباء إصابتها بورم فى المثانة، وفى57357، قرر الأطباء حاجتها إلى 40 جلسة كيماوى، و30 جلسة إشعاعى لتجميد الورم.
ولأول مرة بدأت رحمة تفقد ابتسامتها، وتميل للاكتئاب والعزلة، وترفض ارتداء سماعتها حتى لا تتكلم مع أحد، وهنا جاء دور المستشفى، الذى قدم كل الدعم النفسى بجانب الرعاية الطبية، وشارك فى هذا الدور أخصائيو الخدمة الاجتماعية والأطباء النفسيون، وفريق الدعم النفسى، وفى ورشة العلاج بالفن، وجدت رحمة سعادتها الحقيقية، حينما أمسكت بالفرشة والألوان، ومن أول يوم، اكتشف متطوعو الورشة موهبتها فى الرسم، وبدأوا الدعم والتشجيع، وخلال شهور قليلة، أصبحت رحمة من أشهر فنانى الورشة، واستطاعت تجاوز مرحلة العلاج الطويلة بكل آلامها.
رحمة الآن فى مرحلة المتابعة، بعد أن أنهت علاجها، لكن علاقتها بالورشة لم تنته، وما زالت تشارك فى معارض فنية داخل وخارج المستشفى، وحينما وصلت للثانوية العامة، كان حلمها الوحيد الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، وتحقق حلم رحمة، ونجحت بتفوق كبير، وحصلت على 92%، ودعمتها ورشة العلاج بالفن فى اختبار القدرات لتجتازه بنجاح كبير، رحمة الآن تعيش أسعد لحظات حياتها، وتستعد لبدء تحدٍ جديد، وتحقيق حلم جديد.
زهرة: نجحت بتشجيع أهلى فى 57357
57357 غيرت شخصيتى وحياتى، اتعلمت هنا إزاى أواجه الخوف واتحدى المستحيل، وأتمسك بحلمى مهما كانت الظروف.
حكايتى بدأت من ٤ سنين.. لما كان عمرى 14 سنة، بدأت فجأة أشكو من الصداع وعدم التركيز، واحتار الأطباء فى تشخيص حالتى، لكن فى يوم فوجئت بكتلة سوداء مرعبة تتحرك أمام عينى، وبدأ ظهورها يتكرر كثيرًا، حتى نصحنا أحد الأطباء بإجراء بعض الفحوص والأشعات.
بعد هذا اليوم، شعرت بأن أهلى يخفون عنى شيئًا، كنت أرى أمى تبكى، وأبى حزين، وأقاربنا يترددون علينا كثيرًا، ويجتمعون بأبى وأمى فى حجرة مغلقة، كنت أشعر بأن هناك شيئًا خطيرًا، وتأكدت حينما أخذنى أبى وأمى إلى مستشفى 57357 التى أعرفها جيدًا، ورغم أنهم برروا ذهابى بأن امكانياتها أفضل، وأطباؤها على قدر كبير من الكفاءة، فإننى أدركت أننى مصابة بالسرطان، وأول شىء فكرت فيه أننى سأفقد شعرى الذى أحبه جدًا.
من اليوم الأول فى 57357 شعرت بأننى دخلت دنيا تانية، كل حاجة فيها مختلفة، الهدوء، النظافة، الروح الحلوة، وطيبة القلب من جميع العاملين، وحينما عرفت أن المستشفى فيها ورشة لتعليم الرسم، قلت “إيه الجمال ده”.
بعد أيام من دخولى المستشفى، عرفت أننى مصابة بورم فى الجيوب الأنفية وعضلات الوجه، وعرفت أننى سأجرى جراحة لإزالته، وسلمت أمرى لله، وحينما فتحت عينى بعد الجراحة، ابتسمت وحمدت الله إنى “لسه عايشة”، ومن هذا اليوم تغيرت شخصيتى تمامًا، شعرت بأننى أقوى، وتقبلت سقوط شعرى بعد أول جرعة كيماوى، ورفضت ارتداء الباروكة، وواجهت الناس جميعًا بدون شعر، وكنت أقف أمام المراية، وأقول لنفسى: “إنتى جميلة بشعر أو بدون شعر”.
مرحلة العلاج كانت طويلة وصعبة، لكن الحمد لله قدرت أعديها بمساعدة 57357، ولسه باتابع فى المستشفى، والحمد لله المرض معطلنيش عن الدراسة، كنت باسهر أذاكر، والممرضات سهرانين معايا وبيتابعونى، وطوال فترة المرض كنت بامتحن فى المستشفى، والسنة دى نجحت فى الثانوية العامة بتشجيع أهلى فى البيت، وأهلى فى 57357، وقدمت أوراقى لكلية الإعلام، ونفسى أكون مذيعة راديو، بس مش هسيب هواية الرسم اللى اتعلمته وحبيته هنا فى 57357.
وبجانب رحمة وزهرة، عدد كبير من طلابنا المتفوقين بالثانوية العامة، محمد خلف، ومروان هشام، وأسماء وهب الله، وأحمد صالح، وأسماء أخرى كثيرة تضمها قائمة الشرف لأبطالنا، اللى فرحوا قلوبنا وقلوب أهاليهم.