مقالة مراجعة نشرت في 23 من سبتمبر للعام الجاري في دورية “Journal of Proteome research” تلقي الضوء على أهمية دراسة الـ“ميتا بروتيوم” المتمثل في مجمل البروتينات التي يفرزها مجتمع الميكروبات المستوطنة للجسم، في فهم التفاعل بينها وبين الخلايا الجسدية، وهو ما يؤثر في كل من حالتنا الصحية وفي المرض.
الميكربيوم هو مصطلح حديث يعبر عن مجمل الميكروبات التي تستوطن أجسامنا. تقدر أعداد تلك الميكروبات بتريليونات الخلايا، وتجمعها بخلايا الجسد علاقات تعايشية مشتركة.
أوضحت الدراسات المتلاحقة خلال العقدين الماضين، أن تلك الميكروبات-خاصًة التي تستوطن القناة الهضمية- تلعب دورًا هامًا في عدة مسارات حيوية رئيسة في الجسم، حيث تحفز عمليات التمثيل الغذائي، وتثبط نمو الجراثيم الممرضة و تسهم في تطور الجهاز المناعي، بينما يرتبط اضطراب التوزان بين تلك المجتمعات الميكروبية بعدة أمراض شائعة.
يعود الفضل في فهمنا الحالي للميكروبيوم إلى ثورة التقنيات الجينومية خلال العقد الماضي، حيث أمكن من خلال دراسة جينات تلك الميكروبات، تقصي تنوعها و تعقيدها المذهل، واستقصاء دورها في عدة أمراض.
“إلا أن دراسة الجينات وحدها لا يمكنها أن تطلعنا على لغة التواصل الفعلية بين الميكروبيوم وخلايا الجسد” يقول “سامح مجد الدين” مدير برنامج البروتيومكس في مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357.
و في ورقة بحثية حديثة نشرت في 23 من سبتمبر من العام الجاري في دورية ” Journal of Proteome research”، يوضح “مجد الدين” وفريقه أهمية دراسة الـ “ميتا بروتيوم-Metaproteome” المتمثل في مجمل البروتينات التي يفرزها مجتمع الميكروبات المستوطنة للجسم، في تقديم صورة حية على التفاعل بين خلايا الجسد والميكربيوم، حيث أن تلك البروتينات هي لغة التواصل الفعلية بين الجسم وتلك الميكروبات.
لغة بروتينية
تنسخ الجينات من المادة الوراثية “دنا- DNA “إلى حمض نووي ريبوزي رسول “رنا- mRNA،” والذي تتم ترجمته في النهاية إلى البروتين، وهي الوحدات التي تقوم بأغلب الوظائف الحيوية في كل الكائنات الحية.
إلا أن وجود الجينات لا يعن بالضرورة أنها نشطة، فقد يكون مصدرها ميكروبات ساكنة أو ميتة، ورغم أن توافر تتابعات محددة من الحمض النووي الرسول قد تقدم دليلًا على الجينات النشطة، إلا أن حتى جزيئات الرنا قد لا تكمل مسارها لتتم ترجمتها إلى بروتين فعال.
لذا “فإن دراسة الميكروبيوم من خلال الجينات وحدها يقدم صورة جيدة للتنوع، بينما تعد علوم الميتا بروتيوم بتقديم صورة أكثر ديناميكة” كما توضح “شهد عز الدين”، وهي الباحث الأول في الورقة البحثية.
و ترصد الورقة البحثية أحدث ما توصلت الأبحاث العلمية في مجال الميتابروتيوميكس-Metaproteomics “، ومنها قدرة بعض البروتينات البكتيرية مثل “الفلاجيلين-Flagellin” على تحفيز الجهاز المناعي، ومساهمة بعض الأنزيمات الميكروبية في عمليات التمثيل الغذائي، وتوضح من جانب آخر ما قدمته الدراسات السابقة عن ارتباط الميكروبيوم بعدة أمراض شائعة مثل السكري، والسمنة، والتليف الكبدي والاكتئاب.
رغم ذلك، تعرقل عدة عقبات نمو مجال الميتابروتيومكس، منها صعوبة عزل العينات وتحضيرها، كما أن التنوع الضخم للبروتينات الميكروبية يزيد من احتمالية الخطأ في تعريف مصدرها، مع الحاجة إلى قدرة حاسوبية مهولة لتحليل النتائج، إلا “أن تلك العقبات يمكن تخطيها مع النمو السريع للتكنولوجيا” كما يشير “مجد الدين”.
ويضيف أن الورقة البحثية الحالية هي خطوة أولى لفريقه، حيث حدد الفريق خطة بحثية تستخدم تلك المفاهيم الحديثة لدراسة سرطان الدم -اللوكيميا- بهدف تبيان سبب اختلاف استجابات المرضى لنفس العلاج، وعلاقتها بالميكربيوم، بينما يدير مشروعًا بحثيًا آخر لدراسة مرض التوحد.
Journal reference: Ezzeldin, S., El-Wazir, A., Enany, S., Muhammad, A., Johar, D., Osama, A., Ahmed, E., Shikshaky, H. and Magdeldin, S., 2019. Current Understanding of Human Metaproteome Association and Modulation. Journal of Proteome Research, 18(10), pp.3539-3554.